يا دجلة الخير
حييتُ سفحكِ عن بعدٍ فحَييني
يا دجلة الخير , يا أمَّ البساتينِ
حييتُ سفحَك ظمآناً ألوذ به
لوذ الحمائِم بين الماءِ والطين
يا دجلة الخير ِيا نبعاً أفارقه
على الكراهةِ بين الحِينِ والحينِ
إني وردتُ عُيون الماءِ صافية
نَبعاً فنبعاً فما كانت لتَرْويني
وأنت يا قارباً تَلوي الرياحُ بهِ
ليَّ النسائِم أطراف الأفانينِ
ودِدتُ ذاك الشِراعَ الرخص لو كفني
يُحاكُ منه غداة البيَن يَطويني
يا دجلة َ الخيرِ: قد هانت مطامحُنا
حتى لأدنى طِماح ِغيرُ مضمونِ
أتضْمنينَ مقيلاً لي سواسية
بين الحشائش أو بين الرياحين؟
خِلواً من الهمِّ إلا همَّ خافقةٍ
بينَ الجوانح ِ أعنيها وتَعنيني
تَهزُّني فأجاريها فتدفعَني
كالريح تُعجل في دفع الطواحينِ
يا دجلة الخير:يا أطياف ساحرةٍ
يا خمرَ خابيةٍ في ظلَّ عُرجونِ
يا سكتة َ الموت, يا إعصار زوبعةٍ
يا خنجرَ الغدر ِ, يا أغصان زيتونِ
يا أم بغدادَ من ظرف ٍ ومن غنَج
مشى التبغدُدُ حتى في الدهاقينِ
يا أمَّ تلك التي من, ألفِ ليلتها
للانَ يعبق عِطرٌ في التلاحينِ
يا مستجمٌ (النواسيَّ ) الذي لبِستْ
به الحضارة ُ ثوباً وشيَ, هارونِ
الغاسل ِ الهَّم في ثغرٍ وفي حَببُ
والمُلبس ِ العقلَ أزياءَ المجانينِ
والساحبِ الزقٌ يأباه ويكرههُ
والمُنفق ِ اليومَ يُفدي بالثلاثين
والراهنِ السابريَّ الخزَّ فيقدح
والملهم الفنَ مم ن لهو ٍأفانين
والمُسْمع ِ الدهرَ والدنيا وساكنها
قْرعَ النواقيس في عيدِ الشعانينِ
يا دجلة الخير: والدنيا مُفارقة
وأيُّ شرٍّ بخير ٍ غيرُ مقرونِ
وأي خيرٍ بلا شرَّ يُلقٌحَه
طهرُ الملائك منْ رجس الشياطين
يا دجلة الخير: كم من ْ كنز موهِبةٍ
لديك في (القمقم) المسحور مخزون
لعلَّ تلك العفاريتَ التي احْتجزتْ
مُحملاتٌ على أكتاف دُلفينِ
لعل يوماً عصوفاً جارفاً عرَماً
آتٍ فُترضيك عقباه وترضيني